"تقدم لخطبتي شاب حاصل على دبلوم المدارس الصناعية 3 سنوات، وأنا أعمل معيدة في إحدى الكليات.
وكنت أرفض الارتباط به في بداية الأمر، لكن حين جلست معه وجدته متدين، ولديه ثقافة عامة جيدة، وشخصيته جيدة، وشعرت براحة نفسية تجاهه، إلا أنني مازالت مترددة ومتخوفة.. فالفرق بيننا في التعليم كبير".
هذا لسان حال كثير من الفتيات اللاتي يتقدم للزواج بهن مَن هم دونهم في المستوى التعليمي.. فهل تقبل الفتاة هذا الزواج أم ترفضه؟
الكفاءة.. أساس للنجاح:
لا يختلف أحد على أن الكفاءة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية وغير ذلك من مظاهر الكفاءة بين الزوجين من العوامل التي تساعد على نجاح الحياة الزوجية، وعلى استمرارها بشكل يسعد فيه جميع الأطراف.
وذلك لأن الكفاءة بين الزوجين تساعد على توافق الرؤى بينهما أو على الأقل تقاربها تجاه معظم شئون الحياة المختلفة، بينما عدم الكفاءة يجعل هناك تفاوتا كبيرا بين رؤية كل من الزوجين، وربما يقود ذلك التباين بين الزوجين الحياة الأسرية إلى نفق مظلم.
فعلى سبيل المثال، كيف يكون الحال حين يتزوج رجل محدود الدخل من فتاة أسرتها ثرية، قد تربَّت على أن تأخذ من مال أبيها بلا حساب ولا رقيب، وربما كان مصروف يدها – فقط - قبل زواجها ضعف راتب زوجها؟ وهذا بلا أدنى شك سيسبب أزمة أو قل أزمات مستقبلية في العلاقات الزوجية.
وكيف يكون الحال حين يتزوج شاب من بيئة بدوية منغلقة، لها عاداتها وتقاليدها الخاصة بفتاة تعيش في المدينة المنفتحة؟
لكل قاعدة استثناء:
وكذلك فإن التفاوت الكبير بين الزوجين في المستوى التعليمي ربما يكون سببا لعدم توافق الرؤى وتفاوتها تجاه معظم أمور الحياة، فبالتأكيد ستكون طريقة تفكير كل منهما مختلفة عن الآخر.
وأسلوب حوار كل منهما سيكون متباينًا، وكذلك طموحاتهما ستكون متفاوتة، وأيضا طريقة التواصل مع الآخرين، وهكذا في كل شئون الحياة سيكون هناك تفاوتًا واضحًا بينهما.
ورغم أن الكفاءة بين الزوجين هي القاعدة، لكن ليس معنى هذا هو الرفض المطلق لقبول الفتاة للزواج بمن تفوقه في المستوى التعليمي، وذلك لأن لكل قاعدة حالات استثنائية، وقد رأينا في واقعنا العملي نجاحا لبعض هذه الحالات الاستثنائية.
إذن فالسؤال الذي ينبغي أن تسأله الفتاة لنفسها في مثل هذا الحالات هو: هل هي ومن يتقدم لها ممن ينطبق عليهما هذه الحالات الاستثنائية؟
استشراف مستقبل العلاقة:
وربما يساعدها في الإجابة على ذلك أن تتأمل الأسئلة التالية، التي ستفتح أمامها آفاقا قد تكون غائبة عنها:
* هل لديه من المميزات الشخصية الأخرى التي يمكنها أن تسد هذا الفرق في المستوى التعليمي؟
* هل طريقة تفكيره مقاربة لطريقة تفكيرها أم مختلفة اختلافا كبيرا؟
* هل أسلوب حواره مناسب لها أم هناك تباين كبير بينهما؟
* هل مستوى طموحاته متناسبة مع طموحاتها أم أن التباين كبير بينهما؟
* كيف ستكون طريقة تفكيره في إدارة شئون الأسرة، وهل ستكون متوافقة مع طريقة تفكيرها؟
* كيف ستدار الخلافات الزوجية بينهما في ظل هذا التفاوت التعليمي؟
* كيف سيكون الحال في طريقة تربية كل منهما للأبناء وطريقة التواصل معهم؟ وكيف ستكون نظرة الأبناء لهذا التفاوت بينهما في المستوى التعليمي؟
* هل يطمح ويعزم على تحسين مستواه العلمي في المستقبل بشكل جدي؟
وغير ذلك من الأسئلة والاستفسارات التي تستشرف مستقبل العلاقة بينهما، ليس الآن ولكن بعد فترة زمنية من الزواج، فمناقشة هذه الاستشرافات المستقبلية بموضوعية ستساعدها على الوصول إلى القرار الأنسب والأصوب.
الكاتب: ياسر محمود
المصدر: موقع رسالة الإسلام